2009/05/12

"لبنان أولاً" بالفعل وليس بالشعار

كتب أمير قانصوه
تستوجب الانتخابات النيابية اهتماما وتركيزاً مضاعفين، تفاصيل كثيرة ولوائح أكثر، برامج وخططاً لا تعدّ ولا تحصى، تصريحات وشعارات وكلمات من هنا وهناك، ووجوهاً رأيناها سابقاً وأخرى لم نرها، وأجزم بأن كثيرين منهم مجهولون ليس للمهتمين بالسياسة وشؤونها، ومن ضمنهم الصحافيون، بل حتى لمن يفترض أنهم الناخبون في دوائر هؤلاء المرشحين.
وإذا كان هذا الأمر يمكن تجاوزه بقياس مدى التزام هذا المرشح أو ذاك بالبرنامج الذي يطرحه أو تطرحه اللائحة التي ينتمي اليها، فالمتابع يمكنه في زحمة التفاصيل تسجيل بعض الملاحظات، وفي مقدمها غياب الرؤية الواضحة والمستقبلية عند الكثير من المتربعين على عرش اللوائح أو الداخلين في كنفها، الذين بات همهم هو كيفية الاستحواذ على أصوات الناس كمطية لهم للوصول إلى تحت قبة البرلمان، حتى إن بدا أنه يصوغ موقفاً مستقبلياً واضحاً، فهو ليس أكثر من برنامج ينتهي عمره الافتراضي مساء السابع من حزيران، ليبدأ في اليوم التالي ـ فاز أو لم يفز ـ ببرنامج آخر، خلاصته تشكل الغاية الحقيقية لدخوله المعترك الانتخابي.
هذا الانطباع يطابق الى حد كبير واقع لوائح قوى السلطة الذين يذهبون الى الانتخابات على قاعدة الفوز بأصوات الناخبين، وبالتالي فإن برنامجهم لما بعد الانتخابات لا يتعدى الاستئثار بالسلطة والسيطرة على مفاصلها، ورفض الشراكة التي هي أحد أبرز ميزات النظام اللبناني القائم على ائتلاف قوى المجتمع كافة وتوافقها على إدارة شؤون البلاد.
في حين تبرز بالمقابل المعارضة التي لم تحمل على لوائحها غير من يستطيع الالتزام ببرنامجها السياسي والإصلاحي الذي تتبناه للمرحلة المقبلة، استناداً الى النهج الاستقلالي الذي رسخته طوال السنوات الماضية. لذلك فإن كل الشعارات الانتخابية التي ترفعها تطلب التصويت للبرنامج الذي يفترض أن يحكم مسيرتها المستقبلية، انطلاقاً من ضرورة التغيير والإصلاح، لبناء لبنان الواحد لجميع أبنائه.
بعد شهر سيقف اللبنانيون أمام صناديق الاقتراع، ليقوموا بعملية الانتخاب كواجب وطني. وهذه اللحظة هي وقفة مع الضمير لاتخاذ الخيار المناسب. فمن ينتخب "متفرقات" السلطة الذين يلتقون في لوائح، سيمكّنهم من الفوز، وبالتالي "التمديد" لوطن متفرق على شاكلتهم، ولنهج الوصاية والاستئثار ورفض الشراكة لسنوات أربع قادمة. ومن ينتخب قوى المعارضة التي تلتقي مجتمعة على برنامج واحد وواضح، سيمنح هذا الوطن فرصة التغيير، وسيفتح للإصلاح باباً، وسيشيد للاستقلال وطناً، عماده كل اللبنانيين بكل أحزابهم وطوائفهم، ليكون "لبنان أولاً" بالفعل وليس بالشعار.
الانتقاد/ العدد 1345 ـ 8 أيار/ مايو 2009

ليست هناك تعليقات:

شهداء المقاومة..منارات الهرمل


من صور الأصدقاء: جرود الهرمل

جارة العاصي ترحب بكم ضيوفاً.. على الخير دائماً

مسجد الوقف.. الحنين الى الأيام الأولى