2021/11/10

الهرمل بين عباسين: عن جماعة الـ 82 ورسل الإمام الخميني


أمير قانصوه

كان عباس شابًا يافعًا، صبوح الوجه يغمر كل من يراه ببسمته البريئة ويودّعه بكلمات طيبة تشبهه الى حد التطابق، حتى الكلمات الايرانية التي تعلمها حديثًا وكان يرددها في فناء المسجد بين رفاقه، كانت تخرج من فمه لطيفة، خاصة اذا ما اقترنت بلكنته الهرملية.
غادر عباس الهرمل، دون أن يعلم به أحد. كانوا ثلة قليلة جرى اختيارهم للالتحاق بأولى الدورات العسكرية للاستعداد للمشاركة في مواجهة القوات الصهيونية التي غزت لبنان واحتلت عاصمته بيروت.

في ذلك اليوم التشريني سرى الخبر بين رواد مسجد الوقف الذي كان يغصّ عند كل غروب بجموع المصلين، وجلّهم من الفتيان والشباب وكثير منهم كان حديث العهد بارتياد المسجد.

همس أحدهم: "هناك شهيد من بيننا"، شهيد من الهرمل.. في استهداف العدو لمعسكرات التدريب في جنتا.

كانت كل الهرمل في اليوم التالي تستقبل عباس عبدو شمص وترفعه أميرًا فوق الأكف، أولَ شهيد من الهرمل في مسيرة المقاومة الاسلامية.
كان الشهيد عباس شمص من الثلة الأولى التي استقبلت رسل الامام الخميني لمساندة الشعب اللبناني في مواجهة الاحتلال الصيوني، وكانت منشية الوقف في الهرمل ومسجدها الموئل الأول لشباب الحرس الثوري الذين احتضنوا هؤلاء الشباب، وصارت هذه الساحة عامرة بالشباب الذين يتحضّرون للانطلاق منها الى معسكرات التدريب ومن ثم يشكَلون في مجموعات تلتحق بجبهة المواجهة مع العدو.

الهرمل بين عباسين: عن جماعة الـ 82 ورسل الإمام الخميني
الشهيد عباس عبدو شمص

تحولت منشية الوقف في الهرمل مقرًا للايرانيين أو من نرغب بتسميتهم برسل الامام الخميني، صار فيها مستوصف وأطباء وممرضون يخدمون الأهالي الذين يحتاجون الى الخدمات الصحية والأدوية، والى الجهة الجنوبية أعيد تأهيل الملعب بالمرج الأخضر، وفي المبنى الداخلي غرب المنشية أقيمت مكتبة عامة، وفي إحدى النواحي وقفنا نتدرب على نشيد "الله واحد.. خميني قائد".

بقلوبهم الطيبة وقربهم من الناس تمكن شباب الحرس الذين وفدوا الى الهرمل ببزاتهم ذات اللون الزيتي المائل للأزرق أن يخترقوا كثيرًا من قلوب أبناء الهرمل، واستطاعوا خلال أسابيع قليلة أن يجعلوا لهم في كل بيت صديقًا، لا بل صار كثير من البيوت الهرملية بيوتهم، يضيفون اليها من أخلاقهم ومودتهم حبًّا خمينيًا.

كان عباس شمص من أول المجاهدين من أبناء الهرمل في "جماعة الـ82" الذين التحقوا بمسيرة المقاومة الاسلامية فتقدموا على كل المحاور وفي كل الجبهات وهو على رأس قافلة الشهداء الذين تزينت بأسمائهم محاور الجهاد وسميت الكثير من الميادين بأسمائهم. هذه القافلة التي لن يكون ختامها القائد الجهادي الحاج عباس اليتامى (أبو ميثم).

الهرمل بين عباسين: عن جماعة الـ 82 ورسل الإمام الخميني
الشهيد الحاج عباس اليتامى في إحدى الدورات العسكرية

يقول عنها الأمين العام لحزب الله سماحة السيد حسن نصر الله إنها "منذ البدايات، منذ 1982 دائمًا كانت تُلبي النداء وبحضورٍ كبير وبصدقٍ عظيم، وكانت كما يقال خفيفة المؤونة كثيرة المعونة، هكذا أهلها، رجالها ونساؤها، وهكذا أهل هذه المنطقة منطقة بعلبك الهرمل ومنطقة البقاع، اليوم الشهيد القائد عباس اليتامى (أبو ميثم) كإخوانه بقية الشهداء هم شهود على ان أهل هذه المنطقة الشرفاء منذ البداية آمنوا بهذه المسيرة، شاركوا في صنعها وتأسيسها، احتضنوا المقاومة في بيوتهم وجرودهم ووديانهم ومعسكراتهم ومدارسهم، وأعطوها خيرة شبابهم".

الهرمل بين عباسين: عن جماعة الـ 82 ورسل الإمام الخميني
الشهيد الحاج عباس اليتامى

في حكايات التأسيس كانت الهرمل من الحاضنات الأولى لهذه الرحلة الجهادية الطويلة، وعندما كان يصدح النداء للمقاومة كانت الهرمل تدفع بشبابها الى الخطوط الامامية، والى اليوم فإن الكثيرين من الهرمل الذين فقدوا إخوانًا وأبناء لهم ارتحلوا وهم على عهد الجهاد والمقاومة، يكملون الطريق "وما بدلوا تبديلا".
المقال في الموقع الأصلي "موقع العهد الاخباري"

 https://www.alahednews.com.lb/article.php?id=36818&cid=171&fbclid=IwAR0Pz5kHWeZgnZIbxXCccBvzm0vCsbOnWJwzpIQtSOdePitVrZpK9zy5bl8


ليست هناك تعليقات:

شهداء المقاومة..منارات الهرمل


من صور الأصدقاء: جرود الهرمل

جارة العاصي ترحب بكم ضيوفاً.. على الخير دائماً

مسجد الوقف.. الحنين الى الأيام الأولى