فُتح باب الحوار في الغرف المغلقة بشأن الانتخابات النيابية المقبلة في بلاد بعلبك - الهرمل. فالمنطقة التي كانت تشهد في ما مضى "أم المعارك" الانتخابية بين التقليديين وأصحاب الأفكار والرؤى التغييرية، ولّت إلى غير رجعة منذ عام 1992، إذ أصبحت الانتخابات "نزهة ريفية" بطلها حزب الله، الذي يقرّر وحده مع بعض الحلفاء والأصدقاء رسم المشهد الانتخابي الذي يخرجه إلى العلن دون عناء كبير.
وحزب الله الذي يعدّ بلاد بعلبك - الهرمل خزّان المقاومه ومددها الشعبي والجماهيري من دون منازع، أحسن اللعبة الانتخابية في الدائرة الأكثر عطشاً إلى الإنماء في لبنان، ووجد في احترام خصوصية العائلات قوة زادته قوة وكرّسته مرجعاً وحيداً و"كلمته مسموعة" عند الجميع تاركاً لبعض المعترضين حرية التعبير عن اعتراضهم ومزاحمته في الانتخابات إذا أمكن لهم ذلك. وحزب الله الذي سيكون أكثر حرية في رسم مشهد انتخابات بعلبك - الهرمل المقبلة في ربيع 2009 (سابقاً كان الحزب يأخذ حسابات سورية معينة بالاعتبار) سيتخلّى عن أمور كثيرة من أجل جمع عدد كبير من الحلفاء والأصدقاء وقفوا إلى جانبه في أصعب الأيام، ولا سيما خلال عدوان تموز 2006 الإسرائيلي، أو خلال ما كان يسمّى صراع الموالاة والمعارضة. فالحزب سيتنازل عن حقوق كثيرة له في بعلبك - الهرمل من أجل حلفائه كما فعل خلال تأليف الحكومة.
وتقول قيادات نيابية وحزبية إن حزب الله: "قد يتجه إلى تقليص عدد أعضائه الحزبيين النواب في المنطقة وذلك إفساحاً في المجال أمام وصول قادة حلفاء". وتوضح أن "التوجّه العامّ، الذي من المبكر حسمه منذ الآن، يتحدث عن تخلّي الحزب عن مقعد من حصته النيابية لحزب البعث الذي سيكون أمينه القطري الدكتور فايز شكر مرشحاً، وسوف يكون هناك بحث في احتمال قوي بأن يكون النائب السابق البير منصور في عداد الحلفاء، ما يعني إبعاد النائب الحالي مروان فارس.
وهو أمر باكر لناحية الحسم، لكنه مرتبط أيضاً بحصة الحزب السوري القومي الاجتماعي في بقيّة المناطق التي لحزب الله تأثيره الانتخابي فيها". وتوضح هذه القيادات النيابية والحزبية في بلاد بعلبك - الهرمل أن حركة أمل "ستبقي على الوزير غازي زعيتر ممثلاً لها، فيما لم تحسم بعد قضية الرئيس حسين الحسيني، فموقعه في اللائحة محفوظ ما لم ينقل ترشيحه إلى دائرة جبيل".
وتلفت هذه القيادات إلى أن هناك "نقاشاً لم يصل إلى خواتيمه بعد بشأن من هو المرشح في لائحة حزب الله عن المقعد الماروني"، و"هناك رأي هو الغالب حتى الآن يتحدث عن إبقاء النائب نادر سكر في عداد اللائحة لاعتبارات عدة، أبرزها وقوفه القوي إلى جانب الحزب في المرحلة السابقة ومغادرته صفوف حزب الكتائب ليبقى حليفاً للحزب والمقاومة، ومن هنا لا يمكن التخلّي عن سكر إلا إذا قرر هو شخصياً عدم الترشّح إفساحاً في المجال أمام وصول رئيس حزب التضامن إميل رحمة أو من يسمّيه التيار الوطني الحر، الذي سيكون داعماً بالمطلق للائحة، وبغضّ النظر عمّا إذا كان له مرشح فيها أم لا".
وعن المقعدين السنّيين توضح أن "العائلات البعلبكية ستكون ممثلة في اللائحة، إضافة إلى النائب اسماعيل سكرية الذي لا يمكن التخلي عنه، رغم وجود بعض الآراء التي تتحدث عن وجوب تخصيص بلدة عرسال بمقعد نيابي، مما يطرح إشكالية تحتاج إلى نقاش مستفيض وهادئ يبقي سكرية نائباً في كتلة الوفاء للمقاومة، ويرضي عرسال التي أجرت مصالحة سياسية مع كل جيرانها قبل أن يقدم عليها الآخرون في مواقع وأمكنة أخرى، ومن هنا لا يمكننا أن نتجاهل الدور الكبير الذي أدّاه سكرية في تقريب وجهات النظر بين مختلف الأفرقاء في المنطقة". عفيف دياب جريدة الأخبار - 15/09/2008
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق