2008/10/28

مواسم الكوارث والسلطة المسؤولة

كتب أمير قانصوه
في هذا البلد لغز عجيب غريب، تحتار العقول في فكه.. هو أننا نلدغ من الجحر نفسه مرات ومرات، وتمر الأيام ثم نلدغ ونلدغ وليس لنا فكاك او وسيلة تقينا الشرور والويلات.
تشتعل النار في الغابات وتأكل الأخضر واليابس فنلطم رؤوسنا، ثم تتحفنا السلطة المسؤولة عن الأمر: بأن المسألة ستكون المرة الأخيرة، وبعدها ستتمكن الأجهزة المعنية من القضاء على أي حريق مهما كان حجمه، لأن التجهيزات اللازمة غير متوافرة حالياً، ولكنها ستأتي قريباً جداً، أي قبل الحريق المقبل. ولكن للأسف يحدث الحريق التالي وتنضم مئات الهكتارات من الغابات الخضراء الى سابقاتها المحترقة، ولا التجهيزات وصلت ولا فرق الدفاع المدني زيدت ولا الأجهزة الأمنية قبضت على واحد من مسببي الحرائق المفترضين.
على وجه النقيض تأتي الأمطار في موسمها، تصب خيراتها فوق بلدنا التواق الى أي خير يصله، فنضرب على رؤوسنا حين نرى السيول تغرق المنازل وتخرب أثاثها، والطرق تفيض الى ما فوق السيارات، فيقبع الناس ومعهم التلامذة ساعات بانتظار من ينقذهم من أتون الازدحام.. والحقول تداهمها السيول الجارفة فلا تبقي شجرة واقفة.
الأمطار هي بمعدلاتها الطبيعية ولم تتجاوز المألوف، ولكن السلطة النائمة على أذنيها تنسى أن العام الماضي وقبله بعام.. إلخ، حدث الأمر نفسه واضطرت هي لدفع التعويضات للمزارعين، (أو أنها وعدت ولم تدفع)، وأجادت في الحديث عن ايجاد حلول للسيول التي تقتحم بلدات وطرق البقاع الشمالي أو بعض الاحياء في بيروت والضواحي.. أو الطرق التي تقطعها الثلوج. ولكن مع أول نهار مشمس تنسى أن الأمر سيحدث بعد أشهر أو سنة، فلا تتحسب لشيء!!
إنها ليست من النوادر التي يمكننا أن نضحك عند ذكرها، هي حقيقة مؤلمة، أن تتعامل الحكومات المتعاقبة مع قضايا المواطن بهذا المستوى من الاهمال والاستخفاف. فالغابات التي احترقت وتحترق والتي تنتظر أن تأكلها مواسم الحرائق المقبلة، هي ملك اللبنانيين.. كما أن الحقول التي جرفتها وتجرفها السيول في البقاع الشمالي هي تعب مواطنين لبنانيين.. وهذه السلطة المسؤولة هي سلطة على اللبنانيين، فلن ينفع أهل وطى المصيطبة تضامن وزير الأشغال معهم وتهديده بالاستقالة "الممنوعة"، كما لن ينفع أهالي البقاع ولا الشمال ولا الجبل كل كلمات التضامن مع تلف أرزاقهم، نتيجة الاهمال المتوارث من السلطة.
على من يتحمل المسؤولية أن يتقدم ليجد الحلول قبل أن تحدث الكارثة المقبلة، ونُلدغ من الجحر مرة جديدة!
الانتقاد/ العدد1310 ـ 28 تشرين الاول/ اكتوبر 2008

ليست هناك تعليقات:

شهداء المقاومة..منارات الهرمل


من صور الأصدقاء: جرود الهرمل

جارة العاصي ترحب بكم ضيوفاً.. على الخير دائماً

مسجد الوقف.. الحنين الى الأيام الأولى