الـ"جنة".. خارج الدولة
قبل عشر سنوات عندما قادتنا مهمة صحافية الى جرود جبيل وتحديداً إلى جنة وبلدتها قرقريا، كان الطريق محفراً وكأنه طريق في مجاهل افريقيا.. وليس على أقل من مئة كيلومتر عن العاصمة بيروت.. أما قرقريا فكان الانتقال اليها يحتاج الى وسيلة خاصة.. إما دابة أو سيارة دفع رباعي خصصها أهلها للوصول الى منازلهم.. يومها قال لنا أهل قرقريا انهم منذ زمن يطالبون الدولة ونوابها بتعبيد الطريق، والنائب نهاد سعيد وعدتهم لكن حين أورثت المقعد النيابي لنجلها الفارس وتبدلت رياح الداخل لم يعد الطريق يحتاج الى زفت، لا بل أصبح تعبيد طريق بين قرى جنة وقرقريا ولاسا .. وأي قرية لبنانية، يشكل خطراً على سيادة الاكثرية فوق اماراتها الانتخابية كما تفترض.
بين جرود جبيل وقراها المختلفة وبين المناطق الأخرى في جبل لبنان وصولاً حتى العاصمة بيروت هناك ما يشبه "خط تماس" انمائي، فالطريق فجأة تصبح مقطوعة أو ضيقة، أو غير معبدة.. ولا تجد مستوصفاً أو مركزاً صحياً ملائماً، فقط ما تقوم به الجمعيات الأهلية وبعض البلديات..
ما تحتاج اليه هذه المناطق الفريدة التي هي عنوان للعيش المشترك والتقارب بين اللبنانيين هو أن تشق الدولة اليها طريقاً معبداً بالانماء يصل الى كل أهلها الذين تحاول السياسة تفريقهم. ولكن "الدولة" تصرّ على توحيدهم ولو تحت سقف الحرمان.. وجنة التي لم تصل اليها الدولة ولو بطريق هي تنتظرها لتصبح جنة بالانماء.
الانتقاد/ العدد1295 ـ 2 أيلول/ سبتمبر 2008
كتب أمير قانصوه
الانتقال من بيروت إلى جبيل، يشبه الانتقال من الجحيم إلى الجنة.. خلال الايام الماضية ارتفعت الحرارة في بيروت مترافقة مع نسبة رطوبة عالية لم تعد تطاق.. فأصبحت المناطق الجبلية ملجأ من يهرب من حرّ الساحل.
أما أن تقصد "جنة" في جرود جبيل فأنت فعلاً تنتقل إلى الجنة.. واحة غنّاء تحتضن مجرى نهر إبراهيم وتتكوّم خضرتها جبالاً من الأرض إلى السماء.. ماء عذب يتدفق كأنها ذوبان الثلج في "عزّ كوانين"، بساتين وافرة بالخضرة والفاكهة على أنواعها.. وناس طيبون يعيشون في جنتهم العامرة بالحب والود.. وكرم الضيافة.
طبيعة جميلة جداً.. لوّثتها الحرائق التي ضربت غابات لبنان في الأشهر الأخيرة، لكنها لم تستطع أن تنسف كل الجمال الذي وهبه الله لهذه المنطقة.
الانتقال من بيروت إلى جبيل، يشبه الانتقال من الجحيم إلى الجنة.. خلال الايام الماضية ارتفعت الحرارة في بيروت مترافقة مع نسبة رطوبة عالية لم تعد تطاق.. فأصبحت المناطق الجبلية ملجأ من يهرب من حرّ الساحل.
أما أن تقصد "جنة" في جرود جبيل فأنت فعلاً تنتقل إلى الجنة.. واحة غنّاء تحتضن مجرى نهر إبراهيم وتتكوّم خضرتها جبالاً من الأرض إلى السماء.. ماء عذب يتدفق كأنها ذوبان الثلج في "عزّ كوانين"، بساتين وافرة بالخضرة والفاكهة على أنواعها.. وناس طيبون يعيشون في جنتهم العامرة بالحب والود.. وكرم الضيافة.
طبيعة جميلة جداً.. لوّثتها الحرائق التي ضربت غابات لبنان في الأشهر الأخيرة، لكنها لم تستطع أن تنسف كل الجمال الذي وهبه الله لهذه المنطقة.
قبل عشر سنوات عندما قادتنا مهمة صحافية الى جرود جبيل وتحديداً إلى جنة وبلدتها قرقريا، كان الطريق محفراً وكأنه طريق في مجاهل افريقيا.. وليس على أقل من مئة كيلومتر عن العاصمة بيروت.. أما قرقريا فكان الانتقال اليها يحتاج الى وسيلة خاصة.. إما دابة أو سيارة دفع رباعي خصصها أهلها للوصول الى منازلهم.. يومها قال لنا أهل قرقريا انهم منذ زمن يطالبون الدولة ونوابها بتعبيد الطريق، والنائب نهاد سعيد وعدتهم لكن حين أورثت المقعد النيابي لنجلها الفارس وتبدلت رياح الداخل لم يعد الطريق يحتاج الى زفت، لا بل أصبح تعبيد طريق بين قرى جنة وقرقريا ولاسا .. وأي قرية لبنانية، يشكل خطراً على سيادة الاكثرية فوق اماراتها الانتخابية كما تفترض.
بين جرود جبيل وقراها المختلفة وبين المناطق الأخرى في جبل لبنان وصولاً حتى العاصمة بيروت هناك ما يشبه "خط تماس" انمائي، فالطريق فجأة تصبح مقطوعة أو ضيقة، أو غير معبدة.. ولا تجد مستوصفاً أو مركزاً صحياً ملائماً، فقط ما تقوم به الجمعيات الأهلية وبعض البلديات..
ما تحتاج اليه هذه المناطق الفريدة التي هي عنوان للعيش المشترك والتقارب بين اللبنانيين هو أن تشق الدولة اليها طريقاً معبداً بالانماء يصل الى كل أهلها الذين تحاول السياسة تفريقهم. ولكن "الدولة" تصرّ على توحيدهم ولو تحت سقف الحرمان.. وجنة التي لم تصل اليها الدولة ولو بطريق هي تنتظرها لتصبح جنة بالانماء.
الانتقاد/ العدد1295 ـ 2 أيلول/ سبتمبر 2008
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق