تشييع حاشد للفقيد بليبل في الهرمل
كتب غسان قانصوه
لطالما اشتاق "محمد علي" إلى رائحة تراب الهرمل ، المختلط برائحة "الجوز" ، وعيناه ترمق أطراف ذلك الوادي ، القابع تحت أقدام منزل ذويه في حي البيادر ، لترتاح نفسه من عناء العمل ، الذي أبعده قسراً عن ذكرياته الجميلة ، وهو يرتشف كوباً من الشاي على شرفة المنزل ، مع والدته الحنونة ، وإخوته ، إضافة إلى زوجته وأولاده.
كان يتحين الفرص ليزور بلدته، والحي الذي قضى في زواياه ، طفولته وشبابه ، نعم ، لقد تغيرت معالمه ، لكن طيبة أهله ما زالت كما هي، وما زال الأذان ، ينساب من مئذنة المسجد القريب من المنزل ، والذي يحمل أيضاً ذكريات جميلة ، عندما شب "محمد علي" على الإيمان ، فكان مثال المخلص ، التقي ، الذي لا تفارق الابتسامة ثغره ، والمجاهد الذي عرفته سوح الجهاد ، إلى أن التحق بعمل ، لا يقل أهمية عن عمل المجاهدين ، فكانت عدسة كاميرته ، تنقل الحقيقة ، وتوضح الصورة ، في القناة ، التي كانت عرضة للعدوان الصهيوني الدائم ، نتيجة لدورها ، كسند حقيقي للمجاهدين.
قبل عشرين يوماً ، تلقف "محمد علي بليبل" ، من إدارة المنار ، قرار إرساله إلى الهرمل ، لتغطية العملية الانتخابية ، فكان ذلك مدعاة سروره فحضر وتميز في عمله ، ولفت نشاطه الزائد الأهالي، ولكن بعد عشرين يوماً عاد إلى الهرمل إلى التراب الذي أحب رائحته ، ليرتاح من عناء العمر ، الذي كان قصيراً ، لكنها إرادة الله.
ودع أهالي مدينة الهرمل ، جماهير المقاومة الإسلامية ، بجو من الحزن والأسى ، الفقيد المجاهد ، والمصور في قناة المنار ، الإعلامي الزميل محمد علي صبري بليبل "أبو حسن".
موكب التشييع انطلق من أمام منزل ذويه، في حي البيادر ، قرب مسجد وحسينية الإمام الحسين (ع) ، بعد أن ودعه ذووه وأولاده وإخوانه وزملائه بالدموع ، تقدمه حملة أكاليل الزهر من فرق الجوالة في كشافة المهدي (عج) ، وحملة أعلام حزب الله ، وحمل النعش الطاهر على أكف محبيه ، ملفوفاً بعلم حزب الله ، وشارك في التشييع ، وفد قيادة منطقة البقاع في حزب الله ، برئاسة مسؤول القسم الاجتماعي الشيخ علي فرحات ، مدير عام قناة المنار النائب السابق الحاج عبد الله قصير، مدير الأخبار والبرامج السياسية في القناة الحاج محمد عفيف ، وعدد من مسؤولي القناة وزملاء الفقيد المصورين، لفيف من العلماء، ممثلون عن نقابة المصورين الصحفيين في لبنان ، وشخصيات اجتماعية وبلدية واختيارية وحزبية، وحشد من الأهالي.
سار موكب التشييع، في الطريق نحو جبانة البلدة، حيث أم الشيخ فرحات الصلاة على الجثمان الطاهر، وألقيت كلمة باسم نقابة المصورين الصحفيين في لبنان ، جاء فيها:
"برحيل محمد علي بليبل، فقدنا زميلاً عزيزاً من أسرة النقابة، وهو الذي لطالما آمن بمهنته، كمصور صحافي ينقل من خلال عدسة كاميرته الحقيقة كما هي، وذلك لإيمانه الشديد بالوطن الذي يستحق إعلاماً رسالياً.
فقدناه جسداً لكننا لم نفقده روحاً وفكراً ومناقبية ، في ساحات النضال الإعلامي ، وإن فقدته أسرته الصغيرة، أي أهله، فقد كان فقده أشد إيلاماً على أسرته الكبيرة، المصورون الصحفيون من جهة، وقناة المنار من جهة أخرى ، لكننا في نقابة المصورين الصحفيين ، نقول لأهله وإخوته ، أن كل فرد من أفراد النقابة، هم محمد علي، وإننا نؤكد أننا باقون بالقرب من عائلته، رهن إشارتهم، كلما استدعت الحاجة، ولا بد أن نوصل إليكم، تعازي مجلس النقابة، لا سيما النقيب ميلاد أيوب وجميع الزملاء.
وبعد مواراة الجثمان الثرى وضعت أكاليل من الزهر ، وتلي مجلس عزاء حسيني.
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق