غسان قانصوه
لن تتمكن "حنان"، إبنة الخمسة عشر ربيعاً، في نهاية العام الدراسي الحالي، من أن تحقق حلمها الوردي، بنيل أول شهادة رسمية "البريفيه"، وهي الطالبة في متوسطة الهرمل الرسمية الثانية، لأن رصاصات طائشة، من قبل مسلحين أودت بحياتها، وقطفت سني عمرها القليلة، وهي تهم بالدخول إلى إحدى الصيدليات القريبة من منزلها، وقبل أن تتمكن من شراء الدواء لوالدتها، المصابة بأعراض عصبية، بعد وفاة شقيقها "أحمد"، الذي يقارب عمره عمر "حنان" ، بعدما صدمته سيارة مسرعة في أحد أحياء مدينة الهرمل، قبل حوالي سبع سنوات.
قصة "حنان" كسر الجرة، التي لم تسلم هذه المرة نتيجة تسيب بعض المسلحين، دون حسيب أو محاسب، فالقوى الأمنية "غير قادرة" على ملاحقة هؤلاء "الجوارح"، المعدودين على أصابع اليد، الذين روعوا المدينة، كلما حصلت حادثة، بإطلاق النار عشوائياً ، من أسلحتهم الحربية، فضلاً عن قيامهم بأعمال غير أخلاقية ، من "سرعة زائدة في الأحياء المكتظة، و"التشفيط" في سياراتهم، ومع ذلك فإن حجة القوى الأمنية التي يتهمها البعض في الهرمل بالتغاضي عن تصرفات هؤلاء، بأن عديد عناصر الدرك في المخفر لا يتعدى العشرة وهم غير قادرين على فرض الأمن.
أمام هذا الواقع قرر الأهالي إبتداءً من هذه الجريمة أن يتحركوا، ويسجلوا موقفاً، يخرق جدر صمت الدولة، فتوجهوا خلال التشييع الحاشد "للشهيدة المظلومة" كما أحبوا تسميتها "حنان"، إلى أمام سراي الهرمل الحكومي ، حيث تجمع عناصر القوة الأمنية أمام الباب ، وأنزلوا النعش أمام الباب كتعبير عن عدم رضاهم بعد الآن باستمرار هذه المهزلة ، حيث تلا فضيلة السيد أمير هاشم، خلال التشييع بيان أهالي مدينة الهرمل وجاء فيه:"نحمد الله حمد الصابرين، على ما أصابنا، لفقد ابنتنا الغالية، الشهيدة المظلومة، حنان حسن هاشم التي قضت عندما كانت تقوم بشراء دواء لوالدتها من إحدى الصيدليات المجاورة لمنزلها، حيث أصيبت بعدة طلقات نارية أردتها على الفور. ودانوا بشدة هذا السلوك الاجرامي المتكرر، الذي يستبيح حرمات الناس الأبرياء.
وطالبوا رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان، ووزير الداخلية والبلديات زياد بارود , والسلطات المختصة، والقوى الأمنية والأحزاب والفاعليات في هذه المدينة، بأن تضع يدها على هذه الحادثة، وأن تكشف ملابساتها، وأن تقوم بواجبها بملاحقة الجناة والقبض عليهم، وبالتالي تقديمهم الى العدالة لينالوا جزاءهم".
ودعا بيان الأهالي الى تعزيز سلطة الدولة، بما يؤدي الى منع تكرار مثل هذه الحوادث الأليمة، التي يدفع ثمنها مواطنون أبرياء، لا ذنب لهم سوى وجودهم في مكان الحادثة. كما دعوا الجمعيات الأهلية الى "التعبير عن موقفها ، كل من موقعه، كي لا تكون شوارع وساحات الهرمل، حقول رماية، وأرواح بنيها وبناتها أهدافا حية لطلقات غادرة.
وودع الأهل والأقارب "حنان" ، وهم يأملون أن لا تتكرر مثل هذه الحوادث ، وشفاههم تتمتم:" بأي ذنب قتلت".
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق