طريق القبيات ـ الهرمل متروكة للحفر والثلوج والجليد
بومدين الساحلي
يبدو أن كل ما يقال عن أن الهرمل وقرى قضائها تقع خارج »كوكب« الجمهورية اللبنانية وخارج غلافها الخدماتي صحيح. وجديد »الفراق« هو قديمه من واقع مزرٍ لحال طريق الهرمل ـ القبيات المؤدية إلى طرابلس والذي أثارته »السفير« في شتاءات الأعوام الماضية وتثيره هذا العام أيضاً لعل أحداً ما من المعنيين ينتبه، وبالتالي يخالف بيت الشعر القائل : »لقد أسمعت لو ناديتَ حيّا/ ولكن لا حياة لمن تنادي«.
مع قدوم كل شتاء يتوجس المقيمون على جانبي طريق القبيات ـ الهرمل وعابروه خيفة من عواصفه، التي تسبب تراكم الثلوج وتشكل الجليد لفترات طويلة جراء الغياب الكامل لوزارة الأشغال العامة عن أية معالجة جدية لهذه المشكلة المزمنة. تكتفي الوزارة في بعض الأحيان بإرسال جرافة دولاب صغيرة غير مؤهلة لمثل هذه الأعمال، ولا ترسل الملح المانع لتشكل الجليد الذي يبقى لأيام عدة، لأن قسما كبيرا من الطريق تقع في مناطق مقابلة لجهة الشمال ولا تطالها الشمس شتاء وتسمى محلياً بـ»الظلّيل«.
يشير عضو لجنة المتابعة الهندسية في الهرمل سامر عاصي بداية إلى أهمية هذه الطريق، لأنها الوحيدة التي تصل مباشرة محافظة البقاع بمحافظة الشمال خلال فصل الشتاء. كما أن طريق الهرمل سير الضنية التي تمّ الانتهاء من تأهيلها عموماً، العام الماضي، تبقى مقفلة بسبب تراكم الثلوج لفترة تقارب الخمسة أشهر في السنة، كما أن صهاريج المحروقات تسلكها وهي تؤمن الوقود للعديد من المحطات في البقاع.
ويعرض عاصي للواقع المزري للطريق »حيث تنتشر الحفر على طول المسافة الواصلة من قرية فيسان، وحتى كنيسة الشنبوق الواقعة على مشارف بلدة القبيات، كما أن الإسفلت يغيب عن بعض أجزائها بفعل المرور المستمر والمكثف للشاحنات الثقيلة التي يزيد وزنها كثيراً عن الحد المسموح به، علماً بأن الطريق ضيقة وتحتاج إلى التوسيع لا سيما عند المنعطفات، كما تحتاج إلى حواجز حماية في سفوح الأودية الشديدة الانحدار والعميقة في آن واحد، وإلى إشارات مرور تدل العابرين على المنعطفات وما شابه.
ويطالب نائب رئيس البلدية السابق علي جعفر المسؤولين في الدولة ونواب المنطقة بالقدوم إلى المنطقة في فصل الشتاء للإطلاع على حال ساكنيها من آل جعفر الذين تتوزع منازلهم من قرية فيسان إلى قرية المخزن مروراً بقرى الحرف وجوار الحشيش والبستان والرويمة وغيرها، حيث تنقطع الاتصالات معهم خلال العواصف الثلجية ويكونون عرضة لشتى أنواع المخاطر. ويؤكد جعفر أن العديد من المراجعات جرت، ومع المعنيين كافة من نواب ووزراء، لكن أحداً لم يف بالوعود التي قطعت من أجل تأهيل الطريق واستحداث مركز لجرف الثلوج.
ويرى علي منجد علوه عضو لجنة المتابعة الهندسية في الهرمل أن جرود الهرمل عموماً مهملة على صعيد الخدمات وأن جميع الذين تعاقبوا على السلطة منذ الاستقلال وحتى اليوم لا يتعاطون مع أهلها إلا من فتحة الصندوقة الانتخابية. ويلحظ علوه عدم وجود أي مركز للإسعاف أو للدفاع المدني على امتداد أربعين كيلومتراً وذكر بالكثيرين الذين قضوا لا سيما في حوادث سير من جراء هذا الغياب، واستغراق انتشال جثثهم من الأودية السحيقة بعضهم لساعات طوال بسبب غياب التجهيزات اللازمة لمثل هذه الحالات. وذكر علوه أن الذين يزورون الجرد صيفاً للمشاركة في مآدبه من نواب ووزراء سابقين ولاحقين ومن معنيين في الوزارات لا يشعرون بسوء حال الطريق بسبب رفاهية سياراتهم من جهة، ولأن الطريق من تحتهم تكون مفروشة بالأرزّ واللحم من جهة أخرى.
ويأسف علوه لأن المعنيين في وزارة الأشغال العامة قد سها عن بالهم ضرورة إيجاد مركز لجرف الثلوج على الطريق القبيات ـ الهرمل المهمة التي تربط محافظتين كبيرتين، علماً بأنه تم مؤخراً استحداث مركز مماثل في منطقة راشيا يؤمن فتح الطرقات الفرعية، عموماً في محيطها. وذكر علوه أن جرافتين تملكهما وزارة الأشغال العامة تعملان على فتح الطريق من جهة بلدة القبيات طوال فصل الشتاء، بينما لا تمتلك أية جرافة في كامل قضاء الهرمل وحتى في قضاء بعلبك، علماً بأن هذين القضاءين يملكان أوسع جرود في لبنان، وتبقى الكثير من الطرقات فيها مقفلة طوال أكثر من اربعة اشهر.
وناشد علوه وزير الأشغال العامة غازي العريضي المعروف بتعاطفه مع المناطق المحرومة بمعزل عن السياسة وأهلها أن يعمل بالسرعة الممكنة من أجل استحداث هذا المركز وتجهيزه بالآليات المناسبة لا سيما فرّامة الثلوج التي تغني الى حد كبير عن رش الملح، لأنها ترفع الثلوج بشكل عام عن جانبي الطريق ومعلوم الضرر البيئي الذي قد يشكله رش الملح على الأحراش والغطاء النباتي. كما ناشده كذلك بالاطلاع على واقع طرقات قرى جرود الهرمل عموماً وتأهيلها ووصلها بالشبكة العامة للطرقات بشكل مناسب لا سيما منها القرى المعزولة في منطقة عميرة.
والجدير ذكره أن الوزارة لم تعمل على جرف الثلوج من جراء العاصفة الثلجية التي ضربت لبنان في اليوم الأخير من العام الفائت، وبقيت الطريق لأيام عدة مطلع هذا العام سالكة فقط أمام سيارات الدفع الرباعي والمجهزة بجنازير بسبب سماكة الجليد التي بلغت في بعض الأماكن ١٥ سنتمتراً.
السفير 10-1-2009
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق