2008/11/07

بلا حسد

كتب أمير قانصوه
بلا حسد، وبلا "صيبة عين"، تبدو الساحة اللبنانية هادئة أكثر مما اعتدناه، حتى التصريحات النارية بين الأفرقاء المتخاصمين تراجعت الى حدود مقبولة، حتى كدنا نظن أننا انتقلنا من فصل الخريف الى فصل الربيع مباشرة دون المرور بالشتاء! فما نراه ونشتم رائحته فصل لم يمر بمثله لبنان منذ سنوات.
الحوار الذي يراهن الكثيرون على أنه سيكون مادة للتفجير بين الأفرقاء، مر بهدوء على وقع المصالحات التي جرت بين بعض القوى اللبنانية.. هذه المصالحات التي كانت في مضمونها ونتائجها أهم بكثير من لقاء بعبدا الذي لم يتمكن من حسم قضية توسيع الطاولة بما يضمن دخول عدد من الشخصيات السياسية ذات التمثيل الواسع والكبير، من مستوى الرئيس عمر كرامي والوزير السابق سليمان فرنجية. ومن المسلّم به أن التوسيع سيحصن أي اتفاق يمكن أن يخرج به هذا الحوار.
بالتفاهم والتقارب استطاع البلد أن يعبر الى حالة من الهدوء، اشتاق لها اللبنانيون كثيراً. وأول دليل على ذلك هو التراجع الكبير في حدة الخلافات الأهلية التي كانت تقع في الشوارع و"الزواريب"، وحتى بين أبناء المبنى الواحد! حتى أن قضية هؤلاء الناس تجدها اليوم واحدة، فمن الخلاف الى الاعتصام معاً لمطالبة الدولة بحقوق مهدورة لهم في التعويضات، أو للمطالبة بتحسين الأوضاع المعيشية، الى غيرها من القضايا التي تبدو القاسم المشترك الأساس بين أبناء هذا الوطن.
ولا يختلف اثنان على أن هذا الهدوء هو بالتأكيد ما سمح للأجهزة الأمنية بكشف شبكتين إرهابيتين خطرتين: الأولى التي ترتبط باعتداءات تعرض لها الجيش اللبناني، ويمكن أن تكون متورطة باغتيالات سياسية ـ كما تحدثت بعض المعلومات ـ والشبكة الثانية هي التي كان يديرها الموساد ويترأسها العميل علي الجراح، والتي أمكن من خلال القبض عليها توجيه ضربة قاسية لأجهزة الاستخبارات الصهيونية، لا سيما أن هذه الشبكة هي عتيقة بعملها ومتقدمة بمستوى خدماتها للعدو.
هذا الهدوء الذي يشكل مطلباً دائماً للبنانيين، اليوم فرصتهم لتعزيزه حتى يصبح ثابتة الثوابت، وأول طريق لتحقيق ذلك هو من خلال التعامل النزيه مع موسم الانتخابات النيابية. كما هي فرصة القوى السياسية لتقديم نموذج عن رقينا، فلم يعد جائزاً أبداً أن يقابل صوت الناخب ببضع مئات من الدولارات، ولا بالعطايا التي لا توازي أبداً الصوت الحر الذي من خلاله يتقرر مصير لبنان.. ونستطيع إعادة بناء دولة المؤسسات، وأن نتحرر من المزارع التي استعمرتنا عقودا طويلة من الزمن.
الانتقاد/ العدد1313 ـ 7 تشرين الثاني/ نوفمبر 2008

ليست هناك تعليقات:

شهداء المقاومة..منارات الهرمل


من صور الأصدقاء: جرود الهرمل

جارة العاصي ترحب بكم ضيوفاً.. على الخير دائماً

مسجد الوقف.. الحنين الى الأيام الأولى