2008/08/11

حدث في شارع الحجاج..

كتب أمير قانصوه
غروب يوم السابع من آب/ اغسطس.. المآذن تصدح بصوت القرآن الكريم تمهيداً لرفع أذان المغرب.. عيون الناس لا تبرح الشاشات الصغيرة.. وكأنها أقامت فيها، تراقب شريطها الاخباري وما تورده من أخبار عاجلة.. كأنها تنتظر أن تسمع خبراً عنها.. وعن شارع الحجاج في حي الشياح.. في الطرف الشمالي من الضاحية الجنوبية والمحاذي لبيروت العاصمة.
ربما لا يعرف هؤلاء الناس ان الطائرة حين تقلع من المطار العسكري الصهيوني لا تعلن ذلك.. كما هي لا تعلن عن المكان الذي ستحوله بعد دقائق الى ركام، وليس معنياً من يأمرها بأن يبلغ الاعلام بعدد من ستقضي عليهم الصواريخ .. كم طفلاً بينهم وكم امرأة وكم عجوزاً.. وكم..
وهذا ما حدث بالفعل.. دقائق قليلة وكان دويّ الصواريخ أقوى من صوت التلفاز.. دويّ الصواريخ لم يسمح لنا ـ كنا على مسافة لا تتعدى المئة متر ـ ان نسمع صراخ وعد ورشا وحسن وحسين وعبد الله وغيرهم كثيرون... فقط رأينا الغبار يتصاعد ليلاقي غيوماً عابرة في السماء.. ويخفي طائرة استطلاع صغيرة تحوم في سماء شارع الحجاج..
الناس اندفعت وبفعل عفوي يناقض الغريزة (لم يهربوا) الى الهدف المفترض للصواريخ.. الغبار كان يغطي رؤوسهم، دقائق وعلا صوت الصراخ: هذا يسأل عن ابنه وآخر عن شقيقه او شقيقته او امه.. وكلمة واحدة كانوا هنا.. كانوا ينتظرون نشرة أخبار المنار.. كانوا وكانوا.. ولكنهم صاروا تحت ركام منازلهم.
في لحظة من 33 يوما من تموز وآب 2006.. كانت رحى الحرب تدور بين "اسرائيل" وشارع الحجاج، وبين ايهود أولمرت ودان حالوتس.. وبين محمد دهيني ابن السنة والأشهر الثمانية وأمه فاطمة وهبي وأطفال من آل رميتي خرجوا الى فناء منازلهم يلعبون تحت قبة السماء.. قتل الاطفال وذووهم جميعاً في ذلك المبنى من شارع الحجاج.. صفقت كونداليسا رايس للنتيجة المذهلة التي حققها وكلاؤها في "الشرق الاوسط"، وبما استطاعت الصواريخ المنتجة بأهم الفبارك الاميركية من احداثه في مباني شارع الحجاج وفي أجساد أبنائه..
أكثر من أربعين طفلاً وامرأة وعجوزاً وشاباً قتلوا في مجزرة الشياح.. ولم تنتصر "اسرائيل" ولا أولمرت ولا حالوتس ولا أمريكا ولا كونداليسا رايس ولا بترايوس.. كلهم سقطوا وارتفع إصبعا وعد ومحمد وغيرهما من تحت الركام بشارة النصر.. ليكون الدم الشريف بشارة النصر الالهي.
الانتقاد/ العدد1288 ـ 8 آب/ أغسطس 2008

ليست هناك تعليقات:

شهداء المقاومة..منارات الهرمل


من صور الأصدقاء: جرود الهرمل

جارة العاصي ترحب بكم ضيوفاً.. على الخير دائماً

مسجد الوقف.. الحنين الى الأيام الأولى